-- تساؤلات ومخاوف حوار خارج السيطرة!!
يمكن اختصار الأمر بلا جديد في الحوار. بدأت ورش العمل لتكرر ورش العمل التي بدأتها قبل الحوار. الورش مفيدة لكن إعادتها ربما ليس ليفهم الشطار, بل لإعطاء مزيد من الوقت للكواليس, لكي تصل لحلول ما .
عموما الورش, مفيدة بنظر البعض لتعليم اليمنيين كيف (يتأودموا)، حد تعبير مناضل عتيق, في مؤتمر الحوار. والبعض غير مهتم بما في الورش, رغم الجهد الطيب الذي يبذله المدربون في الـ ان دي أي, المهم مر يوم آخر.
قاعة المؤتمر تشبه كثيرا حالة الساحة في أيام الثورة الأولى قبل السيطرة , وقبل انضمام حامي الحمى, ومهزلة اللجنة التنظيمية, و(حيا بهم حيا بهم ,واحنا تشرفنا بهم). فيها هذا وذاك, الثائر والمتربص والباحث عن مجد والباحث عن مصلحة، وصاحب القضية و(الحانب بنفسه ومصلحته), ومن لا يعلم شيئاً, ومن لا يهمه شيء, ميزته صفته السلبية .
ستجد رفاقا غيبهم الوقت ما يزالون يواصلون مسيرة أحلامهم الوطنية، وتجد ثوارا ألفت وجوههم بالساحة, وتجد صنوف المتهمين, وتجد أولئك الذين كانوا يصنعون الأحداث ويدبرون المكائد, ومن ينفذونها, وتجد الضحايا, وتجد شياطين السياسة ومحترفيها, في مشهد مثير للتأمل. ما يزال الحوار خارج السيطرة, كما كانت الساحة بأيامها الأولى. ما يعني تنامي المخاوف من حوار خارج سيطرة من تعودوا على السيطرة .
ستجد أولئك الذين يرون أنفسهم علية القوم ومؤثرين وأصحاب نفوذ ووجاهة وهيلمان, يغادرون حراسهم وسياراتهم الفارهة. وما إن يدخلوا بهو الفندق حتى يشعروا بالضياع؛ يمدون أيديهم للمصافحة، وهم يخشون أن ترفض, وحينا معزول, وحينا يوزع ابتساماته للعابرين, ومرارتهم سافرة. وتعرف مدى ضيقهم بهذا الحال الذي لم يحسبوا له حسابا, من كان منهم يحسب أنه سيتواجد مع هذا العدد من مواطنين تجرعوا ويلاته .
الأسئلة لا تكاد تتوقف من كثير من الأعضاء هنا وهناك, متى يبدأ جدول الأعمال؟ هل يناقش؟ أم أنه محسوم بقرار؟ ما مصير اللجان؟ متى يعلن كشف بدل المتغيبين؟ كيف سيوزع؟
وهل سيقبل المنسحبون؟ هل سيضاف آخرون؟ ما جديد الحراك؟ وإلى أين وصلت خطوات القبض على الجناة في حادثة محاولة اغتيال الشيخ عبد الواحد أبو راس؟ وتجد الاجتهادات بالردود تتعدد أيضا .
سؤال توقفت عنده. قال أحد أعضاء المؤتمر اليوم في الاستراحة هل نحن معنيون هنا بالتداخلات السعودية بالحدود؟ بما يحدث للمغتربين؟ كان الذي ألقى بعبارته أخ من الجنوب.
مضى صاحبي وبقي السؤال في رأسي .
بإيجاز أعتقد ليس مؤتمر الحوار بعيدا عما يجري بالحدود. أو يتعرض له المغتربون بالشقيقة الكبرى. إنه يشير في جانب منه إلى عدم الرضا عن أي جهد لترتيب أوضاع اليمن. ومن المؤكد أنها تشعر بالخوف من نجاح الحوار الوطني والوصول إلى دولة مدنية بأي حد. السعودية مخاوفها من الثورة الشبابية مستمرة, وتريد أن تجعل اليمن عبرة أمام شعبها وتعرف أنه لا بد من ترتيب أوضاعها الداخلية, قيادتها تعيش مرحلة شيخوخة، وأمريكا لا شك قلقة، وتريد ترتيب الأوضاع ونقل السلطة لمرحلة استقرار ربما للجيل الثالث, والجيل الثاني يتنافس بحدة. هذا معه الجيش وهذا الحرس وهذا الأمن, لكن الجميع متفقون بعدم ترتيب أوضاع اليمن حتى ما بعد التغيير بالمملكة. لهذا تمارس ضغوطا قوية. وعلى الرئيس هادي مباشرة التدخل بالحدود, إعادة بناء جدار العزل العنصري, ترحيل المغتربين. لم يعد خافيا أنها تشعر بضعف القوى التقليدية المتحالفة معها باليمن وتدعمهم بهذه الضغوط بشكل سافر, إذن الحوار ليس بمنأى عما يحدث. ولعل الأهم مما يدور بالورشات , ما يدور بالكواليس. إنه تحد آخر أمام مؤتمر الحوار ولعلهم يواجهون تراكم إرث القوى التقليدية وصراعها منذ الستينات. صحيح ليس كلما في الحوار مثير للتفاؤل لكن سيطرة التشاؤم وحده يعني الاستسلام .
تغادر المؤتمر لتسمع لاحقا عن محاولة اغتيال طالت الفضلي, أحد أبناء الجنوب, وعن كمين غادر لآخرين, وعن مواجهات في كلية الشرطة, ناهيك عما تسمع عنه في محافظات أخرى يوميا, ما يؤكد أن الحوار مستهدف وأن ثمة من يعمل على إشعال الحرائق في
أكثر من مكان, أملا أن تحصد البلد حربا كبيرة. وما أشبه اليوم بالبارحة. يبقى السؤال الأكبر هل يعي اليمنيون ذلك ويجنبون وطنهم ويلات ما يحاك ويفوتون الفرصة بوعي أنهم المعنيون بمصلحة اليمن؟ ولن تكون اليمن ومصالحها أغلى عند السعودية أو أمريكا أو قطر أو إيران أو الخارج عموما، إذا هانت اليمن عند أبنائها !!
نشر بصحيفة الشارع يوم الثلاثاء الماضي ...
- قرأت 376 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ