لعنة التفوق مقابل تقديس السلبية
لا يوجد مكان تقدس فيه السلبية وتعتبر ميزة غالبا أكثر من اليمن, ولا توجد نخب تتوافق على أن السلبية قيمة إلا باليمن, الأمر ليس جديدا إنه موروث من عقلية صالح.
أتذكر مرة في انتخابات نقابة الصحفيين كان ميزة مرشح ما أنه سلبي, وكانت السلبية هي برنامجه وتزكيته وسر قبوله, وهكذا مر الأمر وبالرغم من أن الصحفيين يجنون ثمار تلك السلبية إلا أن أحدا لا يبالي بجد ولو بالتفكير بجناية السلبية على المستوى العام, حتى ولو كان صاحبها طيبا وحبوبا لا ينفع أحد ولا يؤذي أحدا.
لم يتغير الوضع كثيرا بعد انتفاضتنا الثورية, بل تعززت قيمة السلبية وحظوة السلبيين أكثر جاءت حكومة توافق مكونة من حاصل جمع سلبيات وسلبيين لا قيمة لمعايير مؤهل ولا كفاءة ولا نزاهة ولا قدرة ولا معنى لمواصفات رجل دولة المهم المواصفات الحزبية وكل حزب له مواصفاته, والجميع متوافقون أن الحكومة غير مسؤولة عن شيء جماعيا أو فرديا.
متوافقون أن الأحزاب غير حاكمة رغم وجودها بمقاعد الحكومة بل أنها ما تزال معارضة ويا ويل من يقول غير ذلك .
التوافق قد يكون أحيانا مفيدا لكن ليس على السلبية كقيمة ليس على إلغاء مميزات الفرد وليس على استبعاد المعايير لكن هذا ما يتم بشكل عام بمؤسسات أو أحزاب ويمتد ويستشري بقوة للجهاز الوظيفي العام للدولة ولا تسلم منه الجامعة والتعليم وما علينا سوى متابعة التقاسم الحزبي للوظيفة العامة, وعندما تسأل كيف جاء هذا؟ ما هي المؤهلات التي منحته منصبه؟ تجد الرد التوافق والأحزاب لا تراجع نفسها ولا يراجع أحدها الآخر وبنظر المتوافقين الغريب أن يستغرب أحد مما يحدث.
السلبية محل اتفاق لدى الأغلب حد أنها تكاد تكون مقدسة سواء كان يصاحبها مميزات غباء أو فهلوة أو نفاق والشخص السلبي لا يشعر بعيب أو يحاول أن يطور من نفسه أو يغير أسلوبه.
بل يزيد من سلبيته باعتباره مواطنا "سفري" ينتمي لشعب مؤقت, وبنظر كثير فمن الذكاء أن تكون بدون رأي ومحايدا بأي قضية وطنية لا تنصر حقا ولا تدفع باطلا, ولا تتحرك ألا متى.
كان الأمر يهمك شخصيا وبحدود عدم إغضاب أحد وهذا ما يفسر القابلية للتشكيك بأي شيء وافتقاد اليمنيين للثقة غالبا بأي دعوة أو حركه للتغيير أو لأي تصرف يأتي خارج نطاق السلبية.
وهناك مبررات دوما وأسباب وراء صعود هذا السلبي أو ذاك لدى من يتبناه وأيا كانت المبررات فإنها لا تعفيهم من المسؤولية .
قداسة السلبية هي المقابل لعقدة التفوق التي تسكن الأغلب فيما تتحول إلى لعنة على أصحابها وهناك نماذج كثيرة باليمن على لعنة التفوق, من النعمان الأب والابن إلى فيصل عبد اللطيف إلى ابراهيم الحمدي إلى يحيى المتوكل وجار الله ومجاهد أبو شوارب رحمهم الله جميعا ولست بحاجة إلى تسمية سلبيين فهم الأغلب وما عليك إلا أن تنظر حولك فقط لكتشف سر قوة محسن وبقاء صالح... الخ الخ ما عليك إلا أن تنظر إلى واقعك لتتأكد لفداحة الخسارة والفشل والفساد الذي صنعه ويصنعه السلبيون بحياتنا ولكن أيضا لا نستطيع إعفاء أنفسنا من المسؤولية أيضا فليس القبول فحسب بل حتى الصمت يعد تشجيعا للمسيء على الإساءة وتزهيدا للمحسن في إحسانه كما جاء بالأثر وهذا واقعنا الذي يغيب فيه التفوق ويحبط العقلاء وينتشي الجهلة .
حتى بالحوار كانت سلبية البعض سببا للاختيار والتعيين والانتخاب والرئيس هادي ليس استثناء ولعله يعتبرها مواصفات مثالية كما توحي بعض قراراته وتصعق عندما يقول لك أحدهم بكل ثقة "أنا هنا لأني لا أفهم ولا يعنيني وما قالوا اعمل سأعمل وانت على ايش تحرق دمك" وعلى هذا الأساس تكتشف سعي البعض للخروج بصيغة مشوهة لأي موضوع تحت بند التوافق وعادة ما تكون صيغة سلبية باعتبار التوافق على قداسة السلبية هو الحاكم للجميع أحزابا ومكونات مثقفين وجهلة وهو ما يجعل نتيجة الحوار مخيفة بل وكارثية في بعض القضايا .
نقلا عن الشارع
- قرأت 533 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ