هل يتوجب علينا أن نكون حجرا في جدار الحصار الغربي- الإسرائيلي المضروب على إيران؟
نبيل سبيع
لماذا سافرت إلى إيران؟ هذا هو فحوى السؤال الذي واجهته بأشكال مختلفة ذات صيغة استنكارية غالبا من قبل أصدقاء عدة إثر عودتي من طهران حيث حضرت مؤتمر الشباب والصحوة الإسلامية المنعقد هناك أواخر يناير المنصرم. لكن الرد الوحيد لدي على هذا السؤال يتمثل في سؤال استنكاري آخر هو: ولماذا لا أسافر إلى إيران؟
تعيش إيران في ظل حصار سياسي وإقتصادي فرضته عليها الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية منذ نحو عقدين بسبب سياستها الخارجية المناوئة لسياسات هذه الدول في الشرق الأوسط وبسبب دعمها لحركات المقاومة العربية لتل أبيب وأيضا بسبب نشاطها النووي في السنوات الأخيرة. لكن وسائل وأجهزة الدعاية التابعة للسعودية وبقية حلفاء الولايات المتحدة والغرب في المنطقة عملت على تحويل الحصار السياسي والإقتصادي الغربي الإسرائيلي على إيران الى حالة من الحصار النفسي- أو بعبارة أدق: الحظر النفسي- وسط اليمنيين تجاه هذا البلد. ورغم أن لدي شخصيا جملة من الملاحظات على سياستي طهران الخارجية والداخلية، إلا أنني لا أجد سببا منطقيا واحدا لكي أكون حجرا في جدار الحصار المضروب عليها، بل إنه سيكون من الغباء وغير الإنساني في آن أن أكون جزءا من هذا الجدار لعدة اعتبارات إليكم أبرزها.
أنا صحفي، وليس هناك بلد في العالم محظور على الصحفي زيارته تحت أي ظرف من الظروف ولأي سبب من الأسباب. ومن قال بغير هذا من الكتاب والصحفيين الذين شنوا حملة تشهير ضد زملائهم الذين زاروا طهران مؤخرا فقد اثبت بهذا ليس فقط أنه لا يعرف شيئا من أبسط القواعد البديهية لمجاله وإنما أيضا أنه تحول من موقع الصحفي ورجل الرأي إلى موقع أعداء الصحافة من أفراد أجهزة القمع الديكتاتورية التي تضع خطوطا حمراء ومناطق محظورا على الصحافة دخولها. فحتى لو كانت إيران بلدا معاديا لليمن، سيبقى من حقي كصحفي يمني أن أزوره متى أشاء دون أن أخضع لأية مساءلة أو إدانة من أحد لأنني لن أقوم بذلك بصيغة تمثيلية. ألا يعرف زواحف الكتاب والصحافة اليمنية المتشدقين بإتهام وإدانة كل من يزور إيران أنه حتى البلدان المعادية لهذا البلد كأمريكا وإسرائيل لا تحظر على صحفييها زيارته أو تدينهم بسبب ذلك؟!
لكن إيران ليست بلدا معاديا لليمن حيث لم يسجل نشاط أو تدخل عدواني واحد نفذته على الإراضي اليمنية على حد علمي. ولذا، حتى لو لم أكن صحفيا، وزرت هذا البلد كسياسي أو كواحد من شباب الثورة اليمنية الذين زارواه مؤخرا وحضروا المؤتمر ومثلوا بلدهم فيه، لما وجدت سببا واحدا يمنعني من القيام بذلك بصيغة تمثيلية. مع انتهاء المؤتمر، وصلت بعض أصداء الحملة الإعلامية التشهيرية التي شنتها وسائل إعلام سعودية ويمنية ضد الوفد اليمني المشارك في المؤتمر الى طهران حيث دارت نقاشات متفرقة وسط أعضاء الوفد بهذا الشأن وبدا بعضهم مستاء وخائفا من هذه الحملة. وقد تساءل أحد المسئولين الإيرانيين عن المؤتمر أثناء حضوره أحد النقاشات الجانبية باستغراب وأسى قائلا: "ما الذي فعلناه بكم وببلدكم حتى تعتبروا زيارتكم لبلدنا خيانة لبلدكم؟!".
بالفعل. ما الذي يجعل من زيارة يمني لإيران خيانة وطنية لبلده؟ إذا توقفنا قليلا وأعدنا التفكير في الفوبيا التي تشكلت وسط النخبة السياسية والصحفية اليمنية من زيارة إيران، سنجد أنها تفتقر لأي أساس أو سبب منطقي أو أخلاقي أو وطني واحد. وقد كان هذا على الأرجح فحوى ما حاول المسئول الإيراني إيصاله الى الوفد اليمني حين أضاف قائلا: "نحن لسنا أعداءكم ولا أعداء بلدكم وليس بيننا وبينكم صراع. الصراع يجري بيننا وبين إسرائل وأمريكا بسبب تبنينا للقضايا العربية. فهل نستحق عداءكم بسبب هذا؟".
لن أخضع هنا مقولة المسئول الإيراني هذه للنقاش أو التمحيص، فهذا ليس مجاله. لكنني سأشير إلى أن من أبرز مآخذي على سياسة طهران الخارجية هو شيطنتها للولايات المتحدة وتحويل العداء معها الى قاعدة وركيزة رئيسية من قواعد وركائز سياستها الإستراتيجية. فالشيطنة والعداء المطلق لا يستقيمان مع السياسة والعلم. وهذا يقودني الى واحد من أبرز مآخذي أيضا على السياسة الداخلية لطهران حيث يستخدم الصراع مع إسرائيل وأمريكا من قبل التيار المحافظ في قمع الحريات الشخصية والسياسية والتيار الإصلاحي داخل البلد. غير أن هذه المآخذ وأية مآخذ أخرى سواها لا تبرر في المقابل قيام أمريكا وإسرائيل وحلفائها في المنطقة بشيطنة إيران ومعاداتها بالمطلق فما بالك أن نقوم نحن اليمنيين بشيطنتها ونتحول إلى حجر في جدار الحصار المفروض عليها.
لقد نجحت وسائل وأجهزة الدعاية التابعة للسعودية وبقية حلفاء الولايات المتحدة والغرب في المنطقة في تكريس شيطنة إيران داخل اليمن حيث تمكنت من ترسيخ حالة من الحظر النفسي وسط اليمنيين تجاه هذا البلد في ظل إعتقاد إيراني سائد مفاده أن السعودية وبقية الحلفاء العرب لأمريكا يخوضون صراعا ضدهم بالوكالة عن أعدائهم: أمريكا وإسرائيل والغرب. وبصرف النظر عن صحة هذا الإعتقاد من عدمه، فالصراع الإقليمي الجاري بين طهران من ناحية والرياض وحلفائها من ناحية أخرى يشكل في الواقع جزءا أساسيا من الصراع الجاري بين الغرب وإيران.
مع هذا، قد يبدو الصراع والعداء القائمان بين طهران والرياض مفهومين باعتبارهما يجريان بين قوتين إقليميتين تتنافسان على مصالح كبرى في المنطقة تخصهما، وإن على هامش الصراع الدولي الأكبر بين إيران والغرب. لكن ما لا يبدو مفهوما البتة بالنسبة إلي شخصيا ناهيك عن الإيرانيين أنفسهم هو سبب إنجرار اليمنيين في هذا الصراع الى التسليم بشيطنة إيران وتحولهم إلى جزء من الحصار السياسي والإقتصادي والنفسي المضروب على هذا البلد دون وجود صراع يذكر على أي شيء بين اليمن وإيران.
إذا سلمنا بالإعتقاد السائد في طهران وعواصم عربية وعالمية عدة في أن الرياض تخوض صراعا إقليميا ضد الأولى بالوكالة عن واشنطن وبقية حليفاتها الغربيات، فإن صنعاء لم تحتل في هذا الصراع سوى موقع وكيل الوكيل الإقليمي للولايات المتحدة والغرب، أو التابع الأعمى للرياض، بعبارة أدق. وبهذا المعنى، تصبح شيطنة إيران ومعاداتها من قبل أي يمني عملا غير وطني البتة بالنظر إلى أن هذا العمل لا يؤدي سوى إلى نتيجة واحدة: ترسيخ وتأكيد التبعية اليمنية العمياء لقرار وسياسة دولة أجنبية هي السعودية.
· نقلا عن صحيفة "الأولى"
- أضف تعليقاَ
- قرأت 1007 مرات
- Send by email
التعليقات
لو يرجع بعض العربان الى
لو يرجع بعض العربان الى التاريخ , يرى أن من تسمي نفسها بالمملكة العربية , وهي معاداة لاي فكر عروبي منذ نشأتها بمعية المستعمر البريطاني وهي اليوم تحت الوصاية السياسية للولايات المتحدة الامريكية وتتلقى التعليمات منها , هي لا تتحمل وجود دولة حرة , والجدير بالذكر أن الفكر السعودي الوهابي الذي يكفر الشيعة , لا يمكن أن تتعايش مع ايران , مع أن ايران يدها كانت دائماً ممدودة لكل الدول العربية لقناعة أن مصلحتها معهم.
انا ارى أن ايران هي الوحيدة التي سترعب الصهاينة وأمريكا، وستعيد توازن القوى في المنطقة العربية، وستجعل الصهاينة وأمريكا يفكرون جيداً قبل استهداف الداخل الفلسطيني واللبناني أو أية دولة عربية
أتمنى أن ارى الدول العربية تتصرف كأمة واحدة وتعلن وقوفها مع الجمهورية الإٍسلامية الإيرانية ضد العدو الصهيوني الأمريكي وتستغل مقدراتها الاستراتيجية لتشكيل قوة رادعة لهم.
من تسمي نفسها بالمملكة العربية
لو يرجع بعض العربان الى التاريخ , يرى أن من تسمي نفسها بالمملكة العربية , وهي معاداة لاي فكر عروبي منذ نشأتها بمعية المستعمر البريطاني وهي اليوم تحت الوصاية السياسية للولايات المتحدة الامريكية وتتلقى التعليمات منها , هي لا تتحمل وجود دولة حرة , والجدير بالذكر أن الفكر السعودي الوهابي الذي يكفر الشيعة , لا يمكن أن تتعايش مع ايران , مع أن ايران يدها كانت دائماً ممدودة لكل الدول العربية لقناعة أن مصلحتها معهم.
انا ارى أن ايران هي الوحيدة التي سترعب الصهاينة وأمريكا، وستعيد توازن القوى في المنطقة العربية، وستجعل الصهاينة وأمريكا يفكرون جيداً قبل استهداف الداخل الفلسطيني واللبناني أو أية دولة عربية
أتمنى أن ارى الدول العربية تتصرف كأمة واحدة وتعلن وقوفها مع الجمهورية الإٍسلامية الإيرانية ضد العدو الصهيوني الأمريكي وتستغل مقدراتها الاستراتيجية لتشكيل قوة رادعة لهم.
أضف تعليقاَ