الربيع العربي في قلب دولة آل سعود

اليمن بلد عظيم وكما هـو دائماً فسيظل, ولأنه كذلك فهو رغم كــل مآسيه الراهنة, إلا أنه يغيرخارطة العالم, ويغير توازنات قواه, اليمـن إلى خير, وما يجرى فيه مجرد مخاض ولادة ليمن جديد, يمن متحرر من الوصاية, يمن يملك قــراره الذي أفتقده لعدة عقود. 

 

 وعن العدوان السعودي الغاشم على اليمن, و رغم أن تدخل الخارج كان بطلب من الرئيس المستقيل هادي, وبرغم أن المراهنة على الخارج لا تجدي نفعاً, إلا أنه يمكننا القول أن الظروف رغم سوداويتها مازالت تجري في صالح إرادة الشعب اليمني وطموحة. فقوات درع الجزيرة العربية هي إحدى السياسات الخادعة للإستراتيجية الأمريكية التي تتخذها أمام ضرورة وفاءها بالتزاماتها ناحية اتفاقاتها مع أطراف دولية أخرى, وأقصد بها هنا تحديداً "إيران" وفي هذه الظروف بالذات, فحيث أن المملكة العربية السعودية هي الذراع الأيمن لتنفيذ السياسةالأمريكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, فقد كانت أمريكا هي صاحبة مقترح إنشاء هكذا قوة, كأحد الحلول المزعومة لصديقتها المملكة لمواجهة أي خطر قد يداهمها ورفاقها في منطقة الجزيرة.
 

وللتدليل على كونها سياسة خادعة ليس إلا, أنها لم تحرك ساكناً إزاء الخطر الذي كانت المملكةالعربية السعودية تدعي أن اليمن تهددها به,حتى وصلت جماعة "أنصار الله" نحوحدودها, وهنا نلاحظ مدى وعمق الهيمنة الأمريكية على القرار السعودي حتى في أحلك الظروف التي تستوجب معها أن تكون هي صاحب القرار إذا ما أحست بالخطر يهدد كيانها "حدقولها". وبالعودة إلى الهدف الإستراتيجي لإنشاء هذه القوة, نجد أن التزامات أمريكاناحية حلفاءها هي الأهم, ما يعني أنها سهم مرتد نحو الخاصرة الأضعف, والتي هي"السعودية" هنا, وحيث أن السعودية لم تحرك هذه القوة إلا بإذن منالقيادة الأمريكية, فإن الأخيره لم تأذن بتحركها إلا في الساعة الحاسمة التي تكون قد حسمت فيها ساعة الصفر لنهاية دولة " آل سعود", وفي مواجهة معجماعة "أنصار الله", وهنا تكون أمريكا قد تأكدت أن المملكة وقوات درعالجزيرة خاسرة دون شك.

 

 ويأتي يقيننا بخسارة قوات درع الجزيرة العربية من نتائج أحداث المنطقة, ومعطياتها, ومن لعبة المصالح التي لا تدركها دولة كهول آل سعود, فمن يتتبع التقارب الإيراني الأمريكي مؤخراً, يمكنه أن يلاحظ أن توازنات القوى في المنطقة قد تغيرت بعد انكسار الربيع العربي في سوريا وأمام نظام بشار الأسد, مايعني وفي الحسابات الأمريكية, الاحتمالية الكبرى لعودة الإمبراطورية الروسية لتتصدر العالم, وخفوت هيمنتها الأمريكية, ما يستدعي الأمر معه أن تقدم أمريكاقرباناً لبقائها لتظل في صدارة  قائمة دول العالم واقتصادياتها, وهنا ليس أمامها إلا إتمام هدفها العالمي المرتكز على سياسة"سوريا أولاً", والذي لطالما صرح به وزراء خارجية أمريكا, لضمان بقاءأمريكا والكيان الإسرائيلي في حيز الوجود الذي يريدون, ما يدفع أمريكا هنا لضرورة مقايضة إيران بالتخلي عن دعم "نظام بشار الأسد" و إسقاطه في أقرب فرصة,في مقابل أن تتخلى أمريكا عن دعم العدو اللدود لإيران "السعودية", مايعني هنا أن أمريكا وعبر كل سلطاتها ستكون أول من ينسحب عن تقديم الدعم لحليفها التاريخي في المنطقة "السعودية", وليس أدل على ذلك من مواقف ونتائج بيانات اجتماعات مجلس الأمن الدولي, وجامعه الدول العربية, وكذا اجتماعات وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي, فإذا كان كل هؤلاء قد أخفقوا في تقديم أو إقرار أي قرار يهدئ من روع السعودية, فهل نركن على قوات درع الجزيرة التي تهيمن الإدارةالأمريكية على قرارها وتحركها, وربما بقاءها !!!

 

مؤشر أخر طرأ على السطح مؤخراً يضاف إلى يقيننا بخسارة قوات درع الجزيرة, ويبشر بهزيمتها إزاء أي محاولة اعتداء قد تقوم بها على يمننا الحبيب, وهو التقارب الإيراني الأردني, والذي جاء بعد انقطاع لسنوات طوال بين البلدين, هذا التقارب مطمئن لنا, كونه يجري في نفس السياق الذي يجري فيه التقارب الإيراني الأمريكي, ولنفسالأهداف, فلطالما كانت الأردن, وما زالت داعم قوى للسياسة الأمريكية في المنطقة,خاصة فيما يتعلق بدعم الجماعات الإرهابية الخفي, خاصة أن الأردن هي الدولة العربيةالوحيدة التي سمحت بتدريب جماعات "داعش" على أراضيها, ما يعني أن المملكة العربية السعودية أمام احتمال كبير في مواجهة ربيع عربي مشابة تماماً لمااحتضنته هي في عدد من دول الجوار, هذا التهديد بحد ذاته يمثل تهديداً حقيقياً لبقاء "دولة آل سعود", خاصة إذا ما قلنا أن السياسة الأمريكية وكما يبدو وفي سبيل إزاحة خطر زوال هيمنتها, لن تتورع أن تضم لسياستها هذه "تركيا/قطر" واللذان يعدان رابح أول من سقوط "نظام بشار الأسد" وحينها لن يكون لبقاء واستقرار المملكة العربية السعودية أي أهمية لدى جميع هؤلاء, ولا لدى من سيدخلون فخ السياسة الأمريكية الذي دخلته المملكة.

 

أخيراً... ولكون غطــرسة دولة "آل سعود" قد تمادت ولامست كرامــة الشعب اليمني, هذا الشعب الطيب الصابــر على أذاها لعقود خمســة,  ولكون "قرن الشيطان" هذا يأتمر بــأمر أمريكا العظمي, فعلى دولة آل سعود أن تتحمل نتيجة قراراتها المرتجلة, وأن تستعد لأحد أكبر ثورات الربيع العربي الذي لطالما كانت هي حاضنة فوضاه الخلاقة الرسمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, كما عليها أن تحسن استضافتها للجهادي أبوبكر البغدادي رسول السلام الأمريكي إليها الذي توعد بأن يعلن عاصمة "دولة الخلافة في الشام والعراق" من قلب الرياض, مبارك لكم يا آل سعــود عداءكم الأحمق لجماعة أنصارالله, ولا عزاء للجهل.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.