سوق الحوار الوطني !
السباق المحموم على نسب التمثيل "بالمحاصصة" في مؤتمر الحوار الوطني المزعوم يعني اول ما يعني بان قرارات المؤتمر لن تكون بالتوافق كما هو مفترض بل بالاغلبية والا كان يكفي واحد او اثنين من كل طرف من اطراف الحوار وبالتساوي ايضا لان موضوع الحوار الوطني لا علاقة له بالاغلبية.والاقلية كما يعتقد البعض ...
في قضايا الحوار المتعلقة ببناء الدولة وحل المعضلات الوطنية الكبرى يجب ان يتوقف فورا الحديث عن "اغلبية واقلية" سواء في التمثيل او في التصويت مقابل اعتماد معيار اخر يحدد المشاركين في الحوار هو "قوى حقيقية وقوى غير حقيقية"على ان يكون التصويت بالتوافق واقصد بالقوى الحقيقية هنا هي تلك التي لها وجود فعلي وقاعدة اجتماعية وازنة ويكون لها علاقة مباشرة بموضوع الحوار وليس كل من عمل له شكلا او اطارا هلاميا يصبح عضوا معتمدا في الحوار وله تمثيله وتصويته كما نسمع اليوم عن توالد احزاب وكيانات وجمعيات "افتاء" ومنظمات مهنية "لجمع تبرعات" بالجملة والفراطا .
.تسليم كل صغيرة وكبيرة للممثل الدولي جمال بن عمر غير صحيح وغير منطقي وبقدر ما هو تعبير عن فشل مبكر للحوار وتعويض الفشل بالكولسة والمحاصصة والضغط الخارجي بقدر ما يؤكد ان المتحاورين لا تهمهم القضية الداخلية الا بقدر كونها قضية خارجية وبندا من بنود المبادرة ليس الا .
وعودة الى معايير التمثيل في عضوية المؤتمر والتي تحولت الى حالة من حالات الكوميديا البائسة والى درجة اصبح فيها الرئيس السابق صالح والجنرال المنشق عن نظامه "علي محسن" هما الاقدر على تقديم الحلول لبن عمر ،الذي وجد نفسه يغرق في تفاصيل الازمة اليمنية ويتحول يوما بعد يوم الى طرفا مازوما من اطراف الازمة اليمنية لا مشرفا دوليا على تنفيذ المبادرة الخليجية .
والسؤال هنا للمبعوث بن عمر ومن خلفه الدكتور الارياني وهو لماذا البحث يا سادة يا كرام عن معايير سياسية جديدة في نسب التمثيل بعضوية المؤتمر الم تكن المعايير التي اخذ بها في تشكيل اللجنة الفنية -اول مرة- معايير صحيحة ومناسبة جدا واعتمدت في الاساس وفقا لمعايير موضوعية تضمنتها الالية المزمنة للمبادرة الخليجية وهي :-
: المشترك وشركائه - المؤتمر وحلفائه - الحراك الجنوبي - الحوثيين - المرأة - المنظمات المدنية - الشباب ...لماذا لا تكون هي نفسها محددات اطراف المؤتمر المزمع عقده ؟
والحقيقة ان اي تغيير في هذه المعايير المعتمدة سلفا والموقع عليها من قبل جميع الاطراف الموقعة على المبادرة لن يعني شيئا سوى تحويل المؤتمر الى "سوق عكاض" يحضره كل من هب ودب من ناحية وتسليم المؤتمر والمؤتمرين - من ناحية اخرى - الى ايدي القوى النافذة "عسكرية وقبلية واصولية " لان هذه القوى هي التي لا تزال تفرض نفسها بالقوة على الارض - كامر واقع - وحينها يكون بقية المتحاورين عبارة عن ديكور او عفش للقوى النافذة نفسها ..
ولعل هذ البعد هو ما يجعلني اقف وبقوة الى جانب اعتراض كل من الناشطين ماجد المدحجي ورضية المتوكل وتعليقهما لعضويتهما احتجاجا على طريقة ادارة الحوار داخل اللجنة الفنية ومحاولات البعض التعامل بخفة مع القوى الجديدة والتي افرزتها الثورة الشعبية وكان تمثيلها للاسف في اللجنة الفنية محدودا على الرغم انها تمثل جيل الثورة المغيب عن الحل والمعني وحدة بمستقبل الازمة وتفاقمها رغم انه ليس طرفا فيها ولا في صناعتها بقدر ما هو طرفا اساسيا في انفراجها والخروج بحلول ناجعة لها .
من يطلع على مبادرة "محسن " التي اسماها "مبادرة وفاق وطني " لا يملك لا ان يضحك ساخرا على تردي الحالة التي تعيشها اليمن اليوم بعد ان فشلنا جميعا في السياسة وفي الوطنية معا وتحولنا كنشطاء سياسيين وحقوقين وكاحزاب مدنية ووطنية حديثة وكتيارات ثورية ونضاليه الى العوبة في ايدي رموز الفساد والاستبداد التي ثار الشعب لاسقاطها ومحاكمتها ولكنها اليوم وبدلا من ان تكون وراء القضبان تقدم لنا -ودون ان يرف لها جفن- حلولا معلبة للخروج من الازمة ...يعوه والفعلة !
مبادرة "محسن " للوفاق الوطني تاتي بعد ما قيل بانه واحمد علي عبد الله صالح قد التقيا مؤخرا لدى الرئيس هادي وتم الاتفاق على بقائهما معا في منصبيهما كقائدين عسكريين للفرقة والحرس حتى اشعار اخر ..
والشرط الوحيد هو ان يلتزما بقرارات الرئيس هادي كقائد اعلى للقوات المسلحة غير ان "محسن" وهو يقدم مبادرة سياسية اليوم يثبت بالصوت والصورة بانه ليس قائدا عسكريا محترفا وتحت امرة الرئيس هادي بل هو القائد السياسي الوحيد الذي يسمع اليه الرئيس هادي وبقية الاطراف الاخرى بصمت واجلال وهو يقدم مبادرة للوفاق الوطني ....يا الاهي !.
تتضمن مباردة محسن اضافة القبائل ورجال الدين وانصار الثورة وعشرات الكيانات التقليدية والخنفشارية الاخرى كاعضاء في المؤتمر الوطني المزمع تاجيل حسب المبادرة وتحدد المبادرة المحسنية نسب كل طرف من الاطراف السياسية بما فيها طرف الاشتراكي والاصلاح والمؤتمر وكمان و"الحوثي" .
المهم هو ان محسن لم ينس ان يضمن مبادرته مقترح غاية في الاهمية والخطورة وماقصده هو مقتره تمديد فترة الرئيس هادي لسنتين اخريين!.
بالطبع يعتقد محسن ان هذا البند سيكون الجواز لقبول المبادرة من ناحية وبقائه قائدا سياسيا نافذا في عهد الثورة ثانيا وعاشرا وخمستاعشار .
* لا اومن بمؤتمر وطني لا يعرف الشعب قبل انعقاده بروية الاصلاح والحوثي وبقية القوى الاساسية الاخرى في الدولة المدنية ودستورها وما اذا كانت فدرالية او اندماجية ...دينية ام مدنية؟ اعرف ان الاصلاح لا يرغب بكشف اوراقه حتى لا يخسر "شركائه" قبل انعقاد المؤتمر ولكنني لا افهم لماذا بفرط شركائه بجميع اوراقهم ويذهبون الى مؤتمر فاشل سلفا لن يكون له من نتيجة سوى بقاء القوى النافذة نافذة على الارض وفرضها لاجنداتها على الجميع او تفجير المؤتمر نفسه .
*شخصيا وفي مقال سابق كنت قد غسلت يدي من لجنة الحوار منذ اللحظة التي فرطت فيها باجماعها حول النقاط العشرين وحول ضرورة توحيد الجيش واقالة رموز الفساد والاستبداد في مؤسستي الجيش والامن وبعد ان واصلت اجتماعاتها وبدل جلساتها وكان امرا لم يحدث بل ان البعض يتحدث اليوم عن طرح توحيد الجيش والنقاط العشرين في جلسات المؤتمر الوطني نفسه دون وعي بان ما يمتلك هذا البعض من اوراق محدودة للضغط ستكون قد سقطت منه بمجرد انعقاد المؤتمر نفسه .
- قرأت 503 مرات
- Send by email
أضف تعليقاَ