لست ثورياً ولم أنزل الى الساحات يا أروى

مع الثورة , ضد الثورة , مع الوحدة , ضد الوحدة , مع الشرعية , متمرد على الشرعية , معارك وهمية وضعتنا أطراف النظام فيها لعقود , انجرينا إليها كمواطنين وكمثقفين , نسينا أن تلك العناوين ما هي إلا غطاء لمعارك أخرى لا علاقة لها بكل تلك الشعارات , غطاء لمعاركهم الخاصة على السلطة وما نحن والثورة إلا أدوات لها .
أنا انفصالي اذا كانت الوحدة معناها أن يحكمنا صالح أو غيره لوحده , أنا ضد الشرعية الدستورية التي تُزيف بين الحين والآخر , أنا ضد ثورة شيخها حميد الأحمر والمفتين لها الشيخين / الزنداني والديلمي وحاميها حراميها .
عندما قال الشاعر الكبير / عبدالكريم الرازحي في احدى قصائده ( لست ثورياً ولم أنزل الى الساحات يا أروى ) لم يكن يتبرأ من الثورة والساحات كمفاهيم مجردة , لكنه تبرئ من ثورة تقمع ثوارها , وساحات تنتهك حرمة ناشطيها , تبرأ من ثورة يقودها رموز الفساد والإجرام , الرازحي الذي سجن في عهد الحمدي والغشمي وحورب كثيراً في عهد صالح أصدق في ثوريته من حميد الأحمر ومن الشيخين و اليدومي , تاريخه يدل على ذلك وتاريخهم أيضاً .
ليس كل من في الساحات أو مؤيد لها ثائراً , ولا كل من خارج أو ضد الساحات معارض للإصلاح والتغيير ,  لذلك فتمترسنا خلف معسكرين مؤيد ومعارض للثورة خطأ كبير يضيع أهداف الثورة الحقيقية ويدخلنا في صراع وهمي حول مصطلحات تم تشويهها , فالثورة الأخيرة ليست مقدسة من الأخطاء أو معصومة من ماضي بعض من شاركوا فيها .
معركتنا ليست من أجل مصطلحات تم تفريغها من معانيها , معركتنا الحقيقية هي مع الإقصاء , مع الفساد , مع الظلم , مع ناهبي الأراضي في الجنوب وتهامة , مع مجرمي الحروب والمفتين لها , ذاك هو المعيار الذي يجب أن نميز بعضنا بواسطته , فمن معنا في تلك المعركة فهو حليف لنا حتى لو كان من أعضاء المؤتمر وضد الثورة الأخيرة , ومن هو ضدنا في تلك المعركة فهو خصم لنا ولو كان في صفوف الثورة والمشترك .
الثورة بالنيات فمن كانت هجرته الى ظلم يدفعه أو فساد يزيله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى سلطة يستعيدها أو ثروة ينهبها فهجرته الى ما هاجر اليه .
لذلك فأنا ضد ثورة تُقصي أتباع المؤتمر لتأتي لنا بأتباع المشترك , ومع ثورة تقصي الفاسدين أياً كان انتمائهم وتأتي بالأكثر كفاءة  والأصلح , لست مع ثورة تقسم المواطنين بين مؤيد لصالح ومعارض له ومع ثورة تقسم المواطنين بين مساند للإصلاحات ومعارض لها .
من يدعون أنهم ضد صالح كانوا المفتين له في كل جرائمه , كانوا سنده في كل معاركه , كانوا شركائه لعقود , فليرحموا قليلاً من عمل مع صالح لسنوات .
النظام باقي هذا صحيح لكن الثورة نجحت في كسر حاجز الخوف , فجرت الطاقات , حررت الإعلام , أشركت المواطن البسيط في الشأن السياسي , أعطت الأمل بالتغيير , أدخلت الحوثيين والسلفيين وغيرهم في العملية السياسية , ولولا ما شابها من تشويه بسبب انضمام البعض لها  - من  ذوي التاريخ المعتم  سواداً -  لكانت حلت مشكلة الجنوب وصعده وأعادت الروح الوطنية الى الجميع .
إن النجاح الكامل للثورة مرهون بمدى قبولنا بالآخر وتسامحنا مع ما حصل في الماضي – بشرط الاعتراف والاعتذار وإعادة الحقوق حتى لا تتكر تلك المآسي - , مرهون بمدى إنتقالنا من معركة المصطلحات – مع أو ضد الثورة – الى معركة البناء والتغيير ومحاربة الفساد وإرساء مبدأ المواطنة المتساوية و معيار الكفاءة والنزاهة في التعيينات وليس معيار الولاء الحزبي , مرهون بمدى دعمنا ثورة المؤسسات وليس ثورة المحاصصات .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
4 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.