وقفة من أجل الوطن
لا جديد، تدهور البلد مستمر, ولا أحد مسؤول عما يحدث, ولا تفسير, تتناقل المعلومات خبر انفجار كمحاولة اغتيال للرئيس, ويبقى مجرد خبر! تتحطم طائرة للمرة الثالثة داخل محيط العاصمة خلال أشهر, ويبقى الخلل الفني هو المسؤول الوحيد رسميا! يتم اغتيال طيارين, ولا تسمع عن تحقيق ولا جناة، كالعادة في حوادث الاغتيال التي طالت ضباطا ومدنيين، والحوار مستمر أيضا!
ثمة أزمة حكومية واضحة, وتقاسم مناصب, وفساد مكثف, وتصريحات عن سير الانتخابات، ومناقصات مهولة, الفرقة لم يتم تسليمها بعد, والهيكلة, على ما يرام, والأمور ماشية, والحوار مستمر, ولا جديد، ولا أحد مسؤول عن شيء, والمطلوب عدم الحديث, والصمت, أو تسمية أناس وجهات .
كلٌّ يرتب أموره، وبطريقته, لحسن استغلال الوسائل المعتاد، وعليك ألا تبتئس, من كل ما يحدث، وتتفهم خطاب الساسة, وتتعايش مع الواقع، وإلا فأنت مثالي الفكرة والسلوك .
بعد انتكاستنا الثورية المدوية, طفا على السطح كل صور السقوط والانهيار الأخلاقي والقيمي, وإذا نحن أمام ماراثون سباق تحقيق المكاسب الذاتية الحزبية والمصالح الشخصية وعلى حساب كل شيء, وما عليك سوى توقع الضربة, ولا تستغرب إن جاءت من الأقرب كي لا تتهم برومانسية التفكير والنضال, لذا غالط نفسك, وأقنع نفسك بالقبول بما يدور.
استغفل نفسك, واقبل استغفال الآخرين لك, تجنب أن يكون لك موقف, وأن تشمئز من مجرم أو فاسد, تفهم, وأن يدان الضحايا, ويسفه الشهداء, ويشاد بالفاسد والقاتل, تقبل النفاق, ومارسه, وتفهم الخيانة, باعتبارها فنا, والفهلوة ذكاء, والتحايل والكذب دبلوماسية, وتقبل الوقاحة كطبع, وإلا ستتهم بالحدية وسرعة الانفعال واستجلاب العداء .
يروجون بمختلف الأساليب للقبول بالقبح كأمر واقع, بحيث يغدو الجمال بكل شيء استثناء, ويطلبون إلغاء عقلك، وتسلم بأنهم بهذا الأسلوب يبنون وطنا جديدا, ودولة مدنية حديثة, خرج الشباب يطالبون بها ويضحون من أجلها, ولا يعون أن الجميع صعب وصعب جدا, وأن هذا مخالف للسنن الكونية والبشرية, لا يمكن لمن يعتبر مصلحته أهم من حياة غيره أن يبني وطنا .
لماذا لا يعترفون أن التغيير لم يحدث، وأن الالتفاف على الثورة هو سبب ما يحدث، أن التسوية السياسية لم تنتشل البلد من السقوط القيمي, بل ضاعفت الفساد، وأن من صنعوا التسوية يريدون وطنا بمقاس التسوية وليس بمقاس التضحيات، وأنهم لم يتغيروا وليسوا نموذجا أحسن من السابق/ الحالي والقائم الذي شاركوه؟ جاءوا للحوار وهم جميعا غير مستعدين للاعتذار عن أخطاء الماضي البعيد أو القريب, بل مدافعين عنه، ومراهنين على تمرير تسوية قادمة بنفس الأساليب التي انتقدوها. الشيء المحير: كيف يطمئن هؤلاء الساسة جميعا لاستمرار صبر الشعب واستغفاله؟!
يجتاج الحوار إلى وقفة جادة, وقفة مراجعة لما بعد النزول, وقفة ضمائر حية تخرج في تعاملها عن القوالب السياسية الجاهزة والمألوفة والمعتادة, وقفة من أجل الوطن، وتضحيات الشباب الذين صار ذكرهم أمام البعض في الحوار يعتبر استفزازا.. وقفة من أجل الوطن, ولا أقصد وقفة احتجاج من إياها في صالة الحوار, بل وقفة تأمل وصدق ومسؤولية, بالجلسات العامة القادمة قريبا لتصويب الأمور وربط المدخلات بالمخرجات لوقف هذا التدهور والانهيار, وقف تيار "نفسي يا نفسي", ومن يريدون فرض القبح كعنوان حياة. إنه أمل في البعض لم يتبدد بعد... وسنرى!
- قرأت 1522 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ